صدر حديثًا عن دار النشر "نيت أمبريسيون" بورزازات كتاب جديد للناقد السينمائي والأكاديمي المغربي الدكتور حميد اتباتو بعنوان "دلالات السينما المغربية: التأسيس الثقافي ورؤى الإبداع". يقع هذا العمل في 267 صفحة من الحجم الكبير، ويأتي ليعزز رصيد المؤلف في البحث النقدي حول السينما المغربية، بعد سلسلة من المؤلفات التي تناولت قضايا الإبداع والهوية والرهانات الفنية في السينما الوطنية.
يُعد حميد اتباتو من أبرز الأصوات النقدية في المغرب، إذ كرّس سنوات طويلة لفهم وتحليل السينما المغربية، متأثرًا بأساتذته الذين غرسوا فيه حب المسرح والسينما منذ سنوات دراسته، وعلى رأسهم الأستاذ محمد الجاي والراحل محمد الكغاط. هذا الشغف المبكر دفعه لمتابعة العروض السينمائية في مدينة فاس، والسعي لدراسة السينما أكاديميًا رغم الصعوبات، ليصبح اسمه لاحقًا مرتبطًا بالنقد السينمائي والعمل الأكاديمي والصحفي في هذا المجال، منذ أول بحث جامعي أنجزه حول السينما المغربية سنة 1990.
يمثل كتاب "دلالات السينما المغربية" امتدادًا لمشروع فكري وثقافي يتبناه اتباتو منذ عقود، حيث أصدر سابقًا كتبًا مثل "السينما المغربية: أسئلة الإبداع والهوية" و"رهانات السينما المغربية: الفاعلية الإبداعية وتأصيل المتخيل". ويؤكد المؤلف أن عمله الجديد ليس معزولًا عن أعماله السابقة، بل هو محاولة إضافية لإثراء النقاش حول علاقة السينما بالثقافة المغربية، ورصد المواصفات الجمالية والفكرية للأفلام المغربية، مع التركيز على أهمية العمل الجماعي في تطوير البحث السينمائي، سواء من خلال المؤتمرات أو تأطير الطلبة والباحثين.
يبرز في مسار اتباتو اهتمامه الخاص بالسينما الأمازيغية، معتبرًا إياها صوت حضارة كاملة وتجسيدًا لتنوع الهوية المغربية. ويعمل حاليًا على إصدار كتاب جديد حول الفيلم الأمازيغي، يهدف إلى دراسة خصوصياته الجمالية ومسارات تشكله، في محاولة لفهم مكانته ضمن الفيلموغرافيا الوطنية. كما يولي أهمية كبيرة للفيلم الوثائقي، معتبرًا إياه التعبير الأصيل عن السينما المغربية، ويعمل على إصدار مؤلف حول الجماليات المنسية في السينما الوثائقية المغربية.
يعكس مسار حميد اتباتو التزامًا عميقًا بقضايا الثقافة والهوية، وحرصًا على نقل شغفه بالسينما إلى الأجيال الجديدة من الطلبة والباحثين. فهو يرى في العمل الجماعي والمبادرات الثقافية وسيلة لتعويض غياب الدعم المؤسسي، ويعتبر الكتابة عن السينما المغربية مسؤولية فكرية وتاريخية تتجاوز الاعتبارات المادية. بهذا النهج، يواصل اتباتو إغناء المكتبة السينمائية المغربية، واضعًا خبرته الأكاديمية ونظرته النقدية في خدمة فهم أعمق لعوالم السينما الوطنية وتحدياتها.