يعد فيلم "Zatoichi in Desperation" الصادر عام 1972 علامة فارقة في سلسلة أفلام الساموراي الشهيرة، ليس فقط لكونه من إخراج وبطولة شينتارو كاتسو، بل لأنه يمثل خروجاً ملحوظاً عن التقاليد الفنية والدرامية التي رسختها الأجزاء السابقة. يقدم الفيلم، بجرأته وأسلوبه التجريبي، صورة قاتمة وعنيفة لعالم زاتويتشي، حيث تتقاطع الحدود بين الأمل والعبث والشر.
ينطلق السرد من حادثة يسهم فيها زاتويتشي عن غير قصد في موت امرأة مسنّة، ليدفعه شعوره بالذنب نحو البحث عن ابنتها العالقة بدورها في شبكة من الاستغلال والقسوة. تكشف الأحداث عن واقع يتسم بانهيار القيم وصعود العنف والسادية، لتتداخل مصائر الشخصيات في مناخ يغلب عليه اليأس، ولا يكاد يفسح مجالاً للبراءة أو الخلاص. هذه المعالجة الدرامية تقارب الفكرة من منظور وجودي، إذ ينكسر البطل أمام قسوة العالم ويصبح الإصلاح مصدراً للألم أكثر منه للنجاة.
من الناحية البصرية، يبرز الفيلم بتقنياته الإخراجية التجريبية، فالتقطيع الحاد، والانتقالات المفاجئة، واستلهام التحرير البصري لأفلام مثل "Easy Rider"، تمنح العمل طابعاً غريباً وهلاوسياً يعزز شعور المشاهد بالاغتراب والصدمة. يضاف إلى ذلك توظيف الألوان الزاهية في مواضع القسوة، وهو توظيف جمالي يبعث على التوتر ويكسر المألوف. في المقابل، تتدفق موسيقى السبعينيات من توقيع كونيهيكو موراي بروح الفانك، لتضيف طبقة معاصرة وجريئة تُعمق الطاقة السوداوية للفيلم دون أن تجرده من خصوصيته الزمانية والمكانية.
تفرد هذا الجزء ينبع أساساً من جرأته على تحدي صورة البطل التقليدي، إذ يصبح زاتويتشي أبعد ما يكون عن أسطورة المنتصر على الشر، بل يتحول إلى شاهد على خراب يصعب ترميمه. يجسد الفيلم روح السبعينيات اليابانية المضطربة، ويعبر عن ملامح انهيار مجتمعي وانحطاط أخلاقي تترجمه كاميرا كاتسو بقسوة وصراحة نادرتين في السلسلة.
إن "Zatoichi in Desperation" ليس مجرد فيلم عن القتال والتشويق؛ إنه دراسة سينمائية عميقة للضعف الإنساني وعبثية المحاولة في عالم تحكمه قوى أعظم من رغبة الفرد في الإصلاح أو المقاومة. يجمع الفيلم بين الهلوسة البصرية والموسيقى الاستثنائية والدراما الملازمة للمدرسة الواقعية اليابانية ليصوغ تجربة سينمائية آسرة، تناسب من يبحث عن اختلاف جوهري في عالم أفلام الساموراي التقليدية.