ينفرد فيلم "Entranced Earth" (1967) للمخرج غلوبير روشا بتقديم رؤية سياسية وشعرية تستعرض أحوال أمريكا اللاتينية من خلال جمهورية إلدورادو المتخيلة. تدور الأحداث حول الشاعر والصحفي المثالي باولو مارتينز، الذي يجد نفسه بين نارين: دعم الحاكم الشعبوي فيليبي فييرا من جهة، والرئيس المحافظ بورفيريو دياز من جهة أخرى، وكلاهما يمثّل وجهاً من أوجه الفساد السياسي في البلاد. عانى باولو من خيبة أمل عميقة نتيجة تحوّل أصدقائه القدامى، الذين راهن على نزاهتهم وانتخبوا بدعم منه، إلى أدوات جديدة للسلطة القائمة والهيمنة.
يمثل الفيلم أحد أبرز تجليات موجة السينما الجديدة البرازيلية "سينما نوفو" التي قادها روشا، حيث شكلت الصورة السينمائية لغة احتجاجية بامتياز، تجمع بين الواقعية والتحليل الرمزي لمآلات السلطة والبؤس الشعبي. يلجأ روشا إلى أسلوب سرد بصري كثيف التجريب، يمزج مشاهد الباروكية والتكوينات البصرية الغرائبية بملامح واقعية وقسوة سياسية صادمة. تتحول الشخصية الرئيسية، باولو، إلى تجسيد لانكسار جيل بكامله؛ إذ ينتقل من دور الداعم إلى دور الثائر، ليكتشف أن الطموح السياسي المحكوم بمصالح النخبة الاقتصادية والقوى الخارجية لا يصمد أمام ضغط الفساد البنيوي.
يقدم الفيلم مشهداً سياسياً معقداً يثير تساؤلات عميقة حول جدوى النضال ضمن أنظمة تستبدل وجوهاً دون أن تغيّر جوهر الفساد أو آليات القمع. يطغى على الأحداث شعور دائم بالحلم المنكسر والفوضى، عبر تصوير الأوهام الثورية التي تنهار على عتبة الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. يزيد من قوة الفيلم استخدام تقنيات إخراجية جريئة: حركة كاميرا ديناميكية، مونتاج متلاحق، حوارات مكثفة ذات بعد جدلي، واستخدام الأصوات والمساحات المفتوحة للإيحاء بضياع البطل ومعاناته.
ينتهي الفيلم على مشهد سوداوي، يجسد فيه باولو مأساة المثقف الرومانسي الحالم العاجز عن إحداث أي تغيير فعلي وسط لعبة سياسية بلا قواعد واضحة. بهذا، يكرس غلوبير روشا صورة السينما بوصفها أداة مقاومة سياسية وفكرية، وينتج عملاً سينمائياً ذا طابع شعري وصدامي يكشف تناقضات السلطة والثورة في سياق أمريكا اللاتينية.