في عالم يزدحم بالروتين والمسؤوليات، يبرز اسم "وولتر ميتي" كرمز لكل من يحلم بحياة أكبر من تلك التي يعيشها. لكن هل يمكن للخيال أن يكون ممرًا نحو حياة أكثر إثارة؟ هذا هو السؤال الذي تطرحه كل من قصة جيمس ثوربر القصيرة الشهيرة "الحياة السرية لوولتر ميتي" (1939)، والفيلم الذي أخرجه وأدى بطولته بن ستيلر عام 2013.
في القصة الأصلية، يمضي والتر ميتي أيامه بين طلبات زوجته وملل العمل. لكنه يجد في خياله مخرجًا من كل هذا. فهو يتخيل نفسه بطلاً في مواقف شجاعة: طيارًا في حرب، أو جراحًا ماهرًا، أو حتى متهمًا في محاكمة تاريخية. كل مرة يعود فيها إلى الواقع، يبدو العالم أصغر من أحلامه، لكنه لا يتوقف عن التخيل.
في الفيلم، يأخذ بن ستيلر رواية ثوربر ويبني عليها عالمًا جديدًا. والتر هنا موظف بسيط في مجلة "لايف"، لكنه يجد نفسه مضطرًا للخروج من منطقة الراحة عندما يختفي صورة مصيرية. تبدأ الرحلة من غرينلاند إلى آيسلندا، ومن ثم إلى أفغانستان، في مغامرة حقيقية تتحول فيها الأحلام إلى تجارب، والخجل إلى شجاعة.
ما يميز الفيلم هو تحوله من مجرد سرد لأحلام خيالية إلى دعوة للخروج من القوقعة والبحث عن المغامرة في العالم الحقيقي. تصبح كل لحظة في الرحلة درسًا في الشجاعة، وفي أهمية الاقتناع بأن الحياة ليست فقط ما نعيشه، بل ما نجرؤ على تحقيقه.
يظل والتر ميتي رمزًا لكل من يحلم بتغيير حياته، سواء في القصة أو الفيلم. مغامراته مثل تلك التي في الأفلام، لكن الرسالة واحدة: الخيال قوة تدفعنا نحو التغيير، لكن الفعل هو ما يجعل الأحلام حقيقة. ربما تكون رحلة والتر ميتي دليلًا على أن كل واحد منا يمكن أن يكون بطلاً، إذا تجرأ على أن يحيا أحلامه لا أن يحلم فقط بحياته.