في عام 2021، قدّم المخرج والكاتب الأمريكي جيرود كارمايكل فيلمه الجريء "On the Count of Three" الذي يبحر في منطقة حساسة تجمع بين المأساة الإنسانية والكوميديا السوداء. العمل يسلط الضوء على صديقين يقرران الانتحار معًا خلال يوم واحد، في رحلة أخيرة تكشف تعقيدات الماضي، وتضعهما في مواجهة حقيقة مؤلمة: هل تنتهي الحياة بقرار، أم أن الرغبة في البقاء أقوى مما يتصوران؟
الفيلم الذي عُرض لأول مرة في مهرجان صندانس للأفلام المستقلة، جذب كثيرًا من النقاد لما يحمله من توازن صعب بين قسوة الموضوع ودفء العلاقات الإنسانية. الاعتماد على حوار صادق ومشاهد مكثفة منح القصة واقعية تضرب في عمق التجربة البشرية، حيث الإنسان يتقاطع دائمًا مع لحظات ضعف وأمل، مع صراع داخلي بين مواجهة الألم أو الهروب منه.
من الناحية السينمائية، يقود الأداء التمثيلي القوي الثنائي جيرود كارمايكل وكريستوفر أبوت، اللذان يقدّمان شخصيتين متناقضتين في تعاطيهما مع فكرة الموت، أحدهما يراه مخرجًا، بينما يجد الآخر نفسه عالقًا في تساؤلات وجودية تجعله يتردد أمام عظمة الحياة رغم قسوتها. هذا التباين يمنح الفيلم بعدًا إنسانيًا، ويجعل المشاهد يرافق الشخصيات في رحلة عقلية وعاطفية صعبة.
"On the Count of Three" ليس مجرد قصة انتحار، بل لوحة عن الصداقة والبحث عن معنى وسط العتمة. إنه فيلم يوازن بين المأساة والسخرية، ويترك أثرًا طويل الأمد، خصوصًا أنه يجرؤ على طرح سؤال نادرًا ما تتناوله السينما الأمريكية بهذه الصراحة: لماذا نختار الرحيل، وماذا نفقد عندما لم نعط الحياة فرصة أخرى؟