فيلم "House of Dynamite" لكاثرين بيغلو: رحلة في قلب الخطر النووي والخيارات المستحيلة

أضيف بتاريخ 10/24/2025
Cinéma | سينِما


تستعد منصة "نتفليكس" اليوم لإطلاق واحد من أكثر أفلامها انتظارًا هذا الخريف، وهو "House of Dynamite" للمخرجة الأمريكية كاثرين بيغلو، الحاصلة على جائزة الأوسكار عن فيلمها الشهير "The Hurt Locker". في عملها الجديد، تعود بيغلو إلى السينما السياسية المشحونة بالتوتر والتساؤلات الوجودية، حيث تدور القصة حول صاروخ نووي مجهول المصدر يهدد مدينة أمريكية كبرى، وتعيش القيادة الأمريكية سباقاً مصيرياً ضد الزمن لاتخاذ القرار الصعب: هل تردّ أم تنتظر؟

الفيلم، الذي يستمرّ مئة دقيقة من التوتر المتصاعد، يقدّم مشاهد واقعية توثيقية داخل غرفة الأزمات في البيت الأبيض، ويُظهر بأدق تفاصيله كيف يمكن أن تتحول "18 دقيقة فقط" إلى لحظة تحدد مصير العالم. بيغلو أكدت في حديثها مع إذاعة "فرانس إنتر" أن فيلمها ليس موجهاً ضد بلد أو زعيم معيّن، بل هو تحذير من واقع عالمي هش يمكن أن ينفجر في أي لحظة بسبب خطأ في التقدير أو تصعيد سياسي غير محسوب.

تقول المخرجة: "نعيش في زمن أصبح فيه وجود السلاح النووي أمراً عادياً، وكأننا نسينا مدى خطورته. أردت أن أذكّر الناس أنه لا يمكننا الاعتماد إلا على أنفسنا لتجنب الكارثة."

وفي هذا السياق، يعكس الفيلم رؤية نقدية لمسألة الردع النووي، حيث تتساءل بيغلو بصراحة: "هل نريد حقاً أن نعيش في عالم تسوده مثل هذه الترسانات من الدمار؟".

بعيداً عن التحليلات السياسية، يتعامل "House of Dynamite" أيضاً مع البعد الإنساني للسلطة؛ فكل القرار يقع في النهاية على عاتق الرئيس وحده، الذي أمامه دقيقتان فقط ليقرر مصير ملايين الأرواح. المفارقة أن الفيلم يصوّر رئيساً هادئاً ومتزناً بعكس الصورة المعروفة عن الرئيس الحالي دونالد ترامب، في ما يبدو كتعليق غير مباشر على طبيعة القيادة في أوقات الأزمات.

ولعل إحدى سمات الفيلم اللافتة هي الحضور النسائي في مواقع الحسم، إذ تقدّم بيغلو شخصية محللة في البيت الأبيض تُظهر رباطة جأش تفوق القادة العسكريين. المخرجة ترى في ذلك انعكاساً لرغبتها في إبراز الجانب العقلي والحاد لدى النساء في مواقع القرار، بعيداً عن الصور النمطية.

الفيلم الذي كُتب سيناريوه على يد الصحفي والكاتب نواه أوبنهايم، يتميّز بدقته الوثائقية العالية، حيث استعانت بيغلو بخبراء أمنيين وجنرالات سابقين لضمان أقصى درجات الواقعية. وقد أشاد عدد من العسكريين الأمريكيين الذين شاهدوا الفيلم بمدى قربه من الحقيقة.

"House of Dynamite" ليس مجرد فيلم أكشن سياسي، بل دعوة للتفكير في التوازن الهش بين الردع والدمار، بين الخوف والعقل، بين الزعماء وشعوبهم. وهو أيضاً تذكير بأن بضع دقائق قد تغيّر وجه التاريخ إلى الأبد.

من المقرر عرض الفيلم على "نتفليكس" في 24 أكتوبر 2025، في تجربة سينمائية تُعدّ الأقوى في مسيرة كاثرين بيغلو منذ "Zero Dark Thirty".