11/25/2025

الأرض والرياح والنار

مرحبًا بكم مجددا في نشرة MBN الخاصة بإيران وعيد شكر سعيد!

قليل من المطر هنا، الكثير منه هناك، حرائق في غابة عريقة وهواء ملوث وضار في طهران: هذا الأسبوع، تعصف العناصر الطبيعية بإيران من كل جانب.

في هذه النشرة، نتابع التقلبات المناخية التي تؤثر على حياة ملايين الإيرانيين، ونستعرض علاقات طهران مع العالم. نسلط الضوء على مهرجان “الأزياء المحتشمة”، ونسأل لماذا قد تختفي الكتب المطبوعة من الأسواق، ونتعرف أيضاً على سبب تَخلّي بعض الأميركيين عن الديك الرومي في عيد الشكر واستبداله بالكابوريا (السلطعون) أو لحم الغزال.

هذه النشرة جزء من خدمة جديدة تقدّمها شبكة الشرق الأوسط للإرسال(MBN)، المنصّة الإعلامية الموجّهة أولاً وبالأساس للمتحدثين بالعربية ولقضايا المنطقة. أرسلوا النصائح أو الاقتراحات أو الأسئلة إلى البريد الإلكتروني: ailves@mbn-news.com
إذا كانت هذه النشرة قد وصلتكم عبر إعادة توجيه، فالرجاء الاشتراك للحصول عليها مباشرة. اقرأوني بالانكليزية من هنا.

إقتباس الأسبوع:

“احتلت طهران المركز الرابع عالميًا بين المدن الكبرى الأكثر تلوثًا، بناءً على القياسات الساعية التي نُشرت يوم السبت”

موقع خبر فوري

إيران هذه الأسبوع

أيام توراتية

شكّلت فرقة آيرث ويند آند فاير(بالانكليزية Earth, Wind & Fire ) إحدى الفرق الموسيقية الأميركية المؤثرة في القرن العشرين، إذ مزجت الموسيقى الراقصة ذات الطابع الإفريقي الأميركي والسول والجاز بالخيال الكوني. وفي أغنيتها الشهيرة عام 1976 التي تحمل اسمها، تحوّلت العناصر الطبيعية إلى أسئلة عن التوازن والبقاء. هذا الأسبوع، عاش الإيرانيون واقعاً مشابهاً: جفاف يتجذر، هواء يفتك بالعاصمة، فيضانات تضرب مناطق جديدة، وحرائق تجتاح غابة قديمة شهيرة.

أزمة المياه تطرق الأبواب

تابَعَت نشرات إيران الأخيرة انتقال طهران من مرحلة الترقّب إلى مرحلة التأقلم، مع توقعات رسمية بانخفاض ضغط المياه واستعداد السكان لتقلبات الإمداد. لكن الأسبوع الماضي شهد انتقالاً نوعياً: أصبحت الانقطاعات المبرمجة للمياه في ساعات المساء روتينية في أجزاء واسعة من وسط وغرب العاصمة. وتفاقم معها تعطّل الحياة اليومية وتراجع مستويات النظافة.

امتلأت وسائل التواصل بصور طوابير للحصول على الماء المعبأ، ومتاجر مغلقة بسبب مخاوف صحية، ومنازل تنتظر صنابير فارغة. ونقل أحد المواقع عن “مَهنار، ذات الـ 48 عاماً، وتعاني وسواس النظافة” قولها: “لم يكن لدينا مكان لتركيب خزان ماء جديد، كما لم يكن من المنطقي إنفاق هذا المال. لذلك جمعنا عبوات فارغة وزجاجات صودا وأي وعاء يمكن تحويله لخزان، وملأناه بالماء”.

ومع تفاقم الأزمة، ظهرت ظاهرة “سرقة المياه” في العاصمة. الشرطة تحقق في عمليات سطو على أنابيب البلدية وسرقة مياه من صهاريج النقل، ما يزيد الضغط على الأحياء المتضررة. وفي بعض المنازل، لا يخرج من الحنفية سوى صوت الهواء.

لم تتجاهل الصحافة العالمية المشهد. كتبت واشنطن بوست يوم الاثنين: “الحنفيات تجفّ في إيران… السبب هو عقود من القرارات الخاطئة”. تبني طهران حالياً خزانات طوارئ بسعة 100 ألف لتر، اكتمل منها ستة في المنطقة 11 لدعم المستشفيات والفئات الأكثر عرضة للخطر. ويقول رئيس البلدية إن هذه الخزانات ستوفر لكل مواطن ثلاثة لترات من مياه الشرب يومياً لمدة ثلاثة أيام خلال استمرار أزمة المياه هذه.

وماذا بعد اليوم الثالث؟ لا إجابة.

49bef8b4-d2ac-0730-a82c-16c42db6c817.png

أشخاص يرتدون الكمامات يسيرون في أحد شوارع طهران، إيران، بعد ارتفاع مستويات تلوث الهواء، في 22 نوفمبر 2025 / رويترز.
والهواء ليس أفضل حالاً

بينما تنقطع المياه، يزداد الهواء خطورة. تجاوز مؤشر جودة الهواء في طهران، يوم السبت، حاجز  200 نقطة، ما وضع العاصمة في خانة  الهواء “الغير صحي بشكل كبير” وجعلها رابع أكثر مدينة ملوّثة في العالم.

وصف أحد المواقع الوضع بأنه انتشار “جزيئات تخترق الرئتين وتسبب مشاكل خطيرة للقلب والجهاز التنفسي”، محذراً من مخاطر شديدة على الأطفال، وكبار السن، ومرضى القلب والتنفس، والحوامل، ومن يعملون في الهواء الطلق. وقدّم التوصيات التالية:

  • تقليل قضاء الوقت غب الخارج
  • إبقاء النوافذ مغلقة
  • استخدام كمامات طبية عند الخروج
  • تشغيل منقيّات الهواء في المنازل

كما أعلنت إدارة البيئة في محافظة طهران إغلاق المدارس ومراكز رياض الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، وتحويل التعليم في جميع المراحل الدراسية إلى التعليم عن بُعد.

ما هو سبب هذه الأزمة؟ مزيج من ازدحام مروري كثيف، استخدام وقود ملوث في محطات الكهرباء والمصانع، طقس راكد، والجفاف المستمر. غياب المطر يعني أن الغبار والملوثات تحوم فوق العاصمة بدلاً من أن تنقشع. بدورها، قيود المرور والشاحنات تُبطئ عمليات نقل المياه، ما يعرّض الفئات الهشّة لمخاطر أكبر. والطقس لا يساعد، وتشير البيانات من موقع (Weather and Climate):

  • متوسط حرارة نوفمبر الطبيعي: 11.8° درجة مئوية
  • متوسط هذا الشهر: 14.9° درجة مئوية
  • معدل الارتفاع: +2.5° درجة مئوية
  • معدل الأمطار الطبيعي: 31 مم
  • كمية الأمطارلهذا الشهر: 0 مم، أي 0% من المعدل الطبيعي

درجة حرارة نوفمبر الغير معتادة، سرّع تبخر ما تبقّى من مياه، فتأثرت بنية السدود بشكل سلبي أكثر واقتربت البُنى التحتية الهشّة من نقطة الانهيار. وأفادت وكالة إيران الطلابية الإخبارية في عنوانها الاخباري قائلة: “ارتفاع درجة الحرارة في طهران وتبخّر 20% من موارد المياه”.

وعندما لا تمطر السماء بشكل طبيعي…تأتي الفيضانات

بينما تعاني طهران من العطش، تواجه مناطق واسعة في غرب إيران العكس تماماً: الكثير من الماء بسرعة كبيرة. بعد أشهر من الجفاف، تسببت أمطار غزيرة متواصلة في سيول كبيرة اجتاحت مدناً على الحدود العراقية. انهارت منازل، تشرّد سكان، وتحولت الطرق إلى أنهار.

أظهرت التغطيات سيارات غارقة، وطرقات ممسوحة، وضفاف أنهار فائضة. وفسّر المسؤولون أن الأرض الجافة لم تستطع امتصاص الماء، فازدادت شدة الفيضانات. لا تزال فرق الهلال الأحمر والمتطوعون يعملون على الإغاثة، فيما يُتوقع المزيد من المطر. وذكّر أحد المواقع بواقع صارخ: “إيران هي سادس أكثر دولة عرضة للزلازل، ورابع أكثر دولة عرضة للفيضانات”.

وأخيراً… الحرائق

غابات الهيركاني في إيران — أحد أقدم النظم البيئية على الأرض — تُقدّر أعمارها بـ 25 إلى 50 مليون سنة وهي مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو.

والآن… تشتعل. درجات حرارة مرتفعة وجفاف طويل الأمد، إلى جانب إهمال بشري مشتبه به، أشعلت حرائق كافحها رجال الإطفاء لأيام. تمت السيطرة على معظمها، فيما تواصل المروحيات وطائرات الإطفاء—بما فيها دعم تركي—عملياتها. امتلأت شبكات التواصل الاجتماعية بصور الأشجار المتفحّمة والهواء المختنق بالدخان.

حقاً… (Earth, Wind & Fire) بكل معنى الكلمة.

إيران والعالم

“هؤلاء ليسوا أشخاصاً يلتفون حول علم الدولة”

نقاش لافت أجراه صحفيان مخضرمان من مجلة  الإيكونوميست(The Economist) بعد زيارتهما الأخيرة لإيران، حيث أجرَيا مقابلة بالإنكليزية مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وتمكّنا من التجول بعيداً عن المرافقين لجس نبض الشارع. هذه أهم النقاط التي سجلوها: يقول مراسل الإيكونوميست نيكولاس بيلهام إن النظام دفع ثمناً باهظاً لسياساته: “خسر كثيراً خلال الأربعين عاماً الماضية. كان يمكن أن يكون قوة إقليمية كبرى ذات نفوذ اقتصادي، لكنه لم ينجح في ذلك”. أما محرر الاعلام الرقمي آدم روبرتس فقال عن محادثاته مع الناس في طهران: “كانوا غاضبين من التضخم، ومن انقطاع الكهرباء، ومن القمع. هؤلاء ليسوا أشخاصاً يلتفون حول علم بلدهم”. ويرى نائب رئيس التحرير إدوارد كار أن إيران والولايات المتحدة “بلدان كبيران وقويان” ولهما “مصلحة مشتركة في استقرار الشرق الأوسط”.

تقارب أكبر مع موسكو

لم تساعد روسيا إيران خلال القصف الأميركي–الإسرائيلي في يونيو، ما أثار خيبة أمل في طهران، لكن رغم ذلك تمضي إيران في ترسيخ تعاونها مع موسكو. وقّعت طهران عقداً لشراء 48  طائرة سوخوي–35، وبدأت استقبال رحلات عسكرية روسية منتظمة من إيركوتسك — ما يشير إلى نقل محتمل لتقنيات أو معدات متقدمة رغم العقوبات — كما دفعت قدماً بعقد ضخم بقيمة 25 مليار دولار لبناء محطة  هرمز النووية، مع حديث عن إمكانية بناء ثمانية مفاعلات إضافية.

لماذا؟ يجيب الباحث الروسي نيكيتا سماجين في تحليل سياسي نُشر في كارنيغي بوليتيكا (Carnegie Politika) مفاده بأن إيران ترى في الاستثمارات الروسية “بوليصة تأمين”. تشمل المشاريع تصميم مفاعلات صغيرة، ومشاريع سكك الحديد  تقوم بها شركات روسية، مثل خط رشت–آستارا الذي سيبدأ العمل عليه قريباً. بالنسبة لطهران، هذه المشاريع “مناطق آمنة” تحميها من أي ضربات مستقبلية أميركية أو إسرائيلية. لكن روسيا لا ترى إيران شريكاً أساسياً على الدوام. فهي تنقل تصنيع المسيّرات إلى داخل روسيا لتقليل الاعتماد على خطوط الإمداد الإيرانية، وتعتبر التجارة مع تركيا أو مصر أهمّ.

الخلاصة وفقاً لسماجين: “بينما يزداد اهتمام إيران بالتعاون مع روسيا، تتراجع حاجة الكرملين إلى طهران”.

أربعة في أربعة

في هذا القسم، أقدم أبرز أربع قصص لافتة من وسائل الإعلام الفارسية هذا الأسبوع:

أوقفوا المطابع

يُعرف الإيرانيون بحبهم العميق للكتب. سائق الأجرة قد يحتفظ بنسخة جيب من مؤلفات أشهر الشعراء الإيرانيين في القرن الـ14 حافظ الشيرازي، وشباب يتسللون خلال الرقابة للعثور على روايات ممنوعة. وكتب الشعر تُهدى في عيد نوروز.

لكن قطاع النشر يواجه أزمة حادة: أسعار الورق قفزت بين 20 و40% خلال أسابيع، مع اضطراب العملة وتأثيرات السوق العالمية. الشحنات أُلغيت، الطبعات تقلّصت، وبعض دور النشر تجمّد إصدارات جديدة. مخاوف من أن تصبح الكتب المدرسية خارج قدرة الأهالي لشرائها.

وقد ارتفعت كذلك أسعار الحبر والتجليد، ما يهدد الناشرين المستقلين بالاختفاء إن لم يستقر الريال الايراني.

e023b428-95ca-6e37-4f50-9e56d6d1cbd3.png

الصورة من وكالة مهر الاخبارية

أسبوع الموضة في ميلانو يُقام في قاعات القصر الملكي، ومسرح أرماني، ولا سكالا. وأسبوع الموضة في باريس يُستضاف في لوفر وغراند باليه. أما إن كنت في طهران في الأسبوع الثاني من ديسمبر، فستتمكن من حضور مهرجان “جوهرة الياسمين” للأزياء المحتشمة، الذي تنظمه مديرية الثقافة والإرشاد الإسلامي في محافظة طهران، في قاعة مركز تنمية فكر الطفل والمراهق. يُسوّق له على أنه “فرصة جيدة لتعزيز وترسيخ ثقافة الحجاب والعفّة”.

سُجن لاعتناقه المسيحية

أفادت وكالة نشطاء حقوق الإنسان الاخبارية بأن مواطناً أفغانياً مقيماً في إيران أُودع السجن بعد اعتناقه المسيحية. ويأتي ذلك عقب اعتقال شخصين آخرين إعتنقا المسيحية خلال الأسابيع الماضية. وشملت التهم:

  • “تشكيل والانضمام إلى مجموعة تهدف إلى الإخلال بأمن  البلاد”-
  • “أنشطة تعليمية وتبشيرية مخالفة للشريعة الإسلامية وذات ارتباط بالخارج”-
  • توزيع كتب مسيحية بصورة غير قانونية-
  • الالتحاق بجامعات افتراضية خارجية-
  • التدريب على التبشير-
  • نشر رسم كاريكاتوري للمرشد على الانترنت-
معنى عيد الشكر

وسائل الإعلام الإيرانية لا تفوّت مناسبة لشرح عيد الشكر للجمهور. موقعنادي الصحفيين الشباب التابع للإذاعة والتلفزيون شرح عادات المائدة الأميركية. ومن بينها: من المعتاد أن يمسك الجالسون على المائدة بقايا عظام الديك الرومي بعد الانتهاء من الطعام، ويكسروها ويتمنّون أمنيات كبيرة للسنة المقبلة. ثم ينهضون لارتداء ملابس النوم ومشاهدة الأفلام واللعب والتقاط الصور التذكارية حتى الصباح

موقع بيتوتة — شبيه بموقع ياهو، وصف موكب ميسي الشهير، بالبالونات العملاقة المملوءة بالهيليوم والشخصيات الكرتونية مثل ميكي ماوس وتوم وجيري.

وبالطبع يذكّر الموقع بأن: “هناك كثيرون لا يحبون الديك الرومي، فيستبدلونه بالكابوريا (السلطعون) أو لحم الغزال”.

وأتمنى لكم شهية طيبة!