غزة تأكل التراب… والعالم يأكل لسانه

07/22/2025
00:00
22:17
https://www.magfarah.com/wp-content/uploads/2025/07/314cb8a1-855b-4c17-8524-a893016382b2.mp3

في واحدة من أحلك فصول النكبات الإنسانية، تُحاصر المجاعة قطاع غزة وتنهش جسد أطفاله ونسائه وشيوخه بلا رحمة.

وتشير تقارير أممية إلى أن أكثر من مليون طفل يواجهون خطر الجوع، فيما يعاني أكثر من سبعين ألف طفل من سوء تغذية حاد، وسط غياب تام للتغذية العلاجية وانعدام الحليب الصناعي. بل حتى الحليب الطبيعي نضب في أثداء الأمهات المرضعات.

وخلال شهر ماي الماضي فقط، شُخّص أكثر من خمسة آلاف طفل دون سن الخامسة بسوء التغذية الحاد، مما يجعل الوضع أقرب إلى جريمة إبادة جماعية موثقة، لا مجرد أزمة عابرة.

حرب التجويع: إسرائيل تُحاصر الرغيف وتمنع المساعدات

منذ بدء العدوان، بات الغذاء في غزة عملة نادرة، إذ تُمنع قوافل الإغاثة من دخول المناطق المنكوبة، ويُستهدف المدنيون أثناء انتظارهم للمساعدات.

ووفق برنامج الأغذية العالمي، يُحرم ثلث سكان القطاع من الطعام لأيام متتالية، بينما يعيش ربعهم في ظروف تُشبه المجاعة.

وقد لقي 995 فلسطينيًا حتفهم وجرح أكثر من 6,000 آخرين أثناء محاولاتهم الحصول على ما يسد رمقهم منذ أواخر ماي، في ما تُعرف اليوم بـ”مصائد الموت”، أو ما بات يُعرف إعلامياً بـ”شهداء الجوع”.

المغرب واليد الممدودة دوماً للأشقاء

في هذا الخضم من الجوع والدمار والنار والحصار، نفذت وكالة بيت مال القدس الشريف يوم السبت الماضي بمخيم البريج شرق غزة المرحلة الثالثة من حملة الإغاثة الإنسانية المغربية الموجهة للعائلات النازحة الأكثر احتياجا في القطاع، بتمويل من الجمعية المغربية لدعم الإعمار في فلسطين.

ووصلت الفرق الميدانية إلى المخيم، رغم الظروف الأمنية الصعبة، لتوصيل المساعدات، يدا بيد، إلى 500 عائلة مستفيدة، لتجنيب أفرادها مخاطر التنقل إلى المخازن ونقاط التوزيع.

وعبر المستفيدون من هذه المساعدات الغذائية عن تقديرهم لكمّ المجهود الذي تبذله المملكة المغربية لإغاثة المكلومين الفلسطينيين. كما أشادوا بالصورة المشرفة التي يحتفظون بها في وجدانهم عن المملكة المغربية وقائدها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله.

هجمات ممنهجة تستهدف النازحين والمجوّعين

حتى الخيام التي احتمى بها المدنيون لم تسلم من نيران الاحتلال، إذ استُشهد ثلاثة عشر نازحاً فجر اليوم الثلاثاء في قصف مدفعي على مخيم الشاطئ، وأُصيب خمسة وعشرون آخرون، في وقت يستمر فيه الجيش الإسرائيلي في استهداف مناطق الإيواء والمساعدات.

ومع دخول اليوم الـ655 للحرب، يتواصل مسلسل القتل والجوع، فيما تصف تقارير دولية الوضع بأنه “أخطر من المجاعة، وأشد قسوة من الحصار”.

حين تُستخدم المجاعة كسلاح

وتتهم منظمات حقوقية إسرائيل باستخدام الجوع كسلاح، في انتهاك مباشر لاتفاقيات جنيف، حيث يتم منع الغذاء والدواء بشكل ممنهج.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، أكثر من 100 ألف طفل وامرأة حامل يواجهون خطرًا يوميًا بسبب سوء التغذية الحاد، وسط تحذيرات من انهيار شامل للصحة العامة إذا لم يُسمح بإدخال ألمساعدات.

وتكشف التقارير عن حالات مفجعة لرضع ماتوا بعد أيام من الاكتفاء بمشروبات عشبية، وأمهات مرضعات فقدن القدرة على إرضاع أطفالهن.

المجتمع الدولي يندد.. وإسرائيل ترفض

وأمام تصاعد الكارثة، أصدرت 28 دولة بيانًا أدانت فيه مقترح إسرائيل بتهجير سكان غزة قسريًا نحو ما يُسمى بـ”المدينة الإنسانية”، واعتبرت ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

ودعت الدول إلى “وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار”، لكن إسرائيل رفضت البيان، زاعمة أن حماس هي المسؤولة الوحيدة عن تعثر التهدئة.

وفي نهاية المطاف، يبقى مجرد بيان. حبر على ورق.

غزة لا تحتاج تعاطفًا ولا بيانات… بل كرامة وحقاًّ في الحياة

غزة اليوم ليست مجرد خبر عاجل على الشاشات، بل جرح مفتوح في ضمير الإنسانية. وإن صرخات أطفالها الجياع ليست نداءات شفقة، بل مطالبة بحق الحياة، بالكرامة، بالحرية.

فهل يصحو الضمير العالمي قبل أن يُجهز الجوع على ما تبقّى من أرواح في هذا القطاع الجريح؟

علاء البكري

The post غزة تأكل التراب… والعالم يأكل لسانه appeared first on مجلة فرح.