‎موسيقى «أيام السادات».. نغم يضيء الوجدان

09/15/2025
00:00
04:16

​تُعد الموسيقى التصويرية التي وضعها الموسيقار المصري ياسر عبد الرحمن لفيلم «أيام السادات» علامة فارقة في مسيرته الفنية وفي تجربة السينما المصرية الحديثة، إذ حملت هذه الألحان طابعًا فريدًا جمع بين العمق الفني والقدرة على ملامسة المشاعر بصدق. ما يميّز هذا العمل أن الموسيقى لم تكن مجرد خلفية ترافق المشاهد، بل بدت وكأنها روح الفيلم التي تمنحه اتصالًا مباشرًا بالوجدان وتعمّق من رسالته الدرامية.  

الأوركسترا التي قادها عبد الرحمن انطلقت كلوحة صوتية متكاملة، تتدرج بين رهافة العاطفة ووهج الدراما، حيث نُسجت الجُمل الموسيقية بليونة واتزان، لتجعل المستمع أسير إيقاعها حتى بعد انتهاء المشهد على الشاشة. هذا التوازن بين الدفء والهيبة، وبين البساطة والاتساع، أنتج لغة موسيقية ناطقة بذاتها، لا تحتاج إلى كلمات لتوضيح معناها ولا إلى حوار لتكمل رسالتها.  

ولعل سر الجمال في موسيقى «أيام السادات» يكمن في صدق التعبير، فهي تعكس نبض الشخصيات وتوتراتها وتحولات الأحداث الكبرى في الفيلم، فتمنح المشاهد إحساسًا مضاعفًا بالزمن والمكان والتجربة الإنسانية المعروضة. هنا، تغدو الموسيقى وسيلة إضاءة غير منظورة، توهج داخل الوجدان بقدر ما تضيء الصورة أمام العين.  

لقد أثبت ياسر عبد الرحمن من خلال هذا العمل أن الموسيقى التصويرية حين تُصاغ بحرفية وإتقان يمكن أن تتحول إلى عمل فني قائم بذاته، يمنح الأذن متعة خالصة تستمر خارج حدود الفيلم، ويؤكد أن للنغم قوة تأثير تماثل الكلمة والصورة وربما تتجاوزهما أحيانًا. موسيقى «أيام السادات» ليست مجرد رفيق للصورة، بل هي شهادة على أن الفن حين يتجلى في صورته الأصفى يظل خالدًا في الذاكرة والوجدان.