كان 2025: السينما تنتصر للجرأة وتواجه العالم من قلب المهرجان

Written on مايو 25 2025
عبر البريد الدولي


شهد مهرجان كان السينمائي لعام 2025 لحظة فارقة في تاريخه، حيث تحوّل إلى منصة لصوت المقاومة والالتزام الفني في زمن يموج بالاضطرابات. فقد خطف المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي الأضواء بفوزه بالسعفة الذهبية عن فيلمه الجريء "كان مجرد حادث"، الذي صُوّر سرًا في طهران ليكشف جراح الشعب الإيراني تحت وطأة القمع، ويطرح أسئلة أخلاقية حول الانتقام والعدالة في مواجهة الاستبداد. هذا التتويج لم يكن فقط اعترافًا بقيمة فنية عالية، بل كان أيضًا رسالة سياسية قوية من لجنة التحكيم برئاسة جولييت بينوش، التي اختارت مكافأة الشجاعة والمقاومة في السينما.

الجائزة الكبرى ذهبت للنرويجي يواكيم تريير عن فيلمه "القيمة العاطفية"، الذي غاص في أعماق العلاقات العائلية وجراحها المتوارثة، في عمل وصفه النقاد بأنه يحمل روح سينما بيرغمان ويظل عالقًا في الذاكرة. أما جائزة لجنة التحكيم، فقد تقاسمها فيلمان: "سيراط" لأوليفر لاكس و"صوت السقوط" لماشا شيلينسكي، في حين توّج البرازيلي كليبر مندونسا فيلهو بجائزة أفضل إخراج عن "العميل السري"، الذي أعاد أجواء الديكتاتورية البرازيلية إلى الشاشة، ونال بطل الفيلم فاغنر مورا جائزة أفضل ممثل.

الحضور النسائي كان بارزًا هذه الدورة، حيث فازت التونسية ناديا مليتي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في "الأخت الصغيرة" للمخرجة حفصية حرزي، في تتويج اعتبره النقاد مستحقًا ومرتقبًا. كما حصد الأخوان داردين جائزة أفضل سيناريو عن فيلم "الأمهات الشابات"، ليؤكدا مجددًا حضور السينما البلجيكية في قلب المهرجان.

الدورة الـ78 لم تخلُ من مشاهد رمزية: فقد شهدت المدينة انقطاعًا كهربائيًا واسعًا، بينما ظل قصر المهرجانات منارة مضيئة بفضل نظامه المستقل، وكأن السينما نفسها تخلق عالماً موازيًا محصنًا من عواصف الواقع. ومع ذلك، لم تكن الأفلام بمعزل عن قضايا العالم، بل تصدّت للسياسة والذاكرة والهوية، واحتفت بروح المقاومة والأمل.