في "بناته الثلاث"... الموت يفتح أبواب المصالحة

Written on مايو 27 2025
Cinéma | سينِما


فيلم "بناته الثلاث" (His Three Daughters) الذي عُرض مؤخرًا على منصة نتفليكس يُعد من أبرز الأعمال الدرامية التي تناولت موضوع العائلة والعلاقات الإنسانية في سياق معاصر. تدور أحداث الفيلم حول ثلاث شقيقات يجتمعن في شقة والدهن في نيويورك، بعد سنوات من البعد والخلافات، لرعايته في أيامه الأخيرة. يجمع الفيلم بين قوة الأداء التمثيلي والكتابة العميقة التي تلامس مشاعر المشاهد وتدفعه للتفكير في مفهوم الأسرة والروابط التي تجمع أفرادها رغم كل الصعوبات.

يتميز الفيلم بأجوائه الحميمية، حيث تدور معظم الأحداث في مساحة مغلقة، ما يعكس حالة التوتر والانغلاق التي تعيشها الشخصيات. كل واحدة من الشقيقات تحمل جراحها الخاصة: الكبرى كاتي تسعى للسيطرة على الأمور، بينما تتجنب راشيل المواجهة بالهروب إلى عاداتها القديمة، أما كريستينا فتحاول أن تلعب دور المصلحة بين الجميع. ينجح المخرج أزازل جاكوبس في تقديم هذه الشخصيات بشكل واقعي بعيد عن المبالغة، ويمنح كل واحدة منهن مساحة للتعبير عن نفسها، ما يجعل المشاهد يتعاطف معهن رغم اختلاف مواقفهن.

الحوار في الفيلم صادق وعميق، يسلط الضوء على قضايا مثل الفقدان، والمصالحة، والندم، والغفران. لا يكتفي الفيلم بعرض لحظات الحزن، بل يوازنها بمواقف إنسانية دافئة ولمحات من الفكاهة السوداء التي تخفف من وطأة المشاهد المؤثرة. الأداء التمثيلي لكل من كاري كون، ناتاشا ليون، وإليزابيث أولسن كان لافتًا، حيث نجحن في تجسيد مشاعر معقدة ونقلها للمشاهدين بصدق كبير.

"بناته الثلاث" ليس مجرد فيلم عن الموت أو نهاية الحياة، بل هو رحلة في أعماق العلاقات الأسرية، وكيف يمكن للأزمات أن تعيد ترتيب الأولويات وتفتح الباب أمام المصالحة والتسامح. يطرح الفيلم تساؤلات حول معنى العائلة، وهل يمكن للجراح القديمة أن تلتئم مع مرور الوقت؟ في النهاية، يترك الفيلم المشاهد مع إحساس بالأمل، رغم كل ما مر به من مشاعر متضاربة، ويؤكد أن الروابط العائلية تظل أقوى من الخلافات والاختلافات.